تظهر الأبحاث الحديثة المتعلقة بالدماغ أن تجارب الطفولة الباكرة تحدد بالفعل سبل التعلم والاتصالات التي تتكون في الدماغ ـ فهي تشكل الطريقة التي سيتعلم, ويفكر, ويتصرف بها الطفل خلال الفترة المتبقية من حياته. ولا يحتاج تحسين نمو أدمغة أطفالنا لألعاب غالية الثمن ـ بل يحدث ذلك خلال التعاملات اليومية البسيطة مع أبوين ودودين وذوي حس بالمسؤولية.


 مبادئ نمـو الدماغ في الإنسان:

   
 عند الولادة, يمتلك دماغ الطفل 100 بليون خلية عصبية, أو عصبون (Neuron) وتنمو هذه العصبونات وتتصل بعصبونات أخرى في أنظمة تتحكم في العديد من الوظائف.  يساهم العالم الخارجي في تشكيل الاتصالات العصبية داخل الدماغ.يتم التعامل مع العالم الخارجي من خلال الحواس ـ البصر, والسمع, والشم, واللمس, والذوق ـ مما يتيح للدماغ تعديل أو صنع اتصالات عصبية جديدة.
 يعمل الدماغ من خلال مبدأ "استخدمها أو افقدها".
 تمثل العلاقات مع الأشخاص الآخرين في المرحلة المبكرة من الحياة, مصدراً رئيسياً لنمو الأجزاء العاطفية والاجتماعية من الدماغ.

يختلف الدماغ عن معظم أجهـزة الجســم الأخـرى فـي أن لـه تعاظـم مفاجـئ فـي النمـو فـي الفترة السابقة على الولادة والسنوات القليلة الأولى بعد الولادة. ويصــل الدمــاغ إلى نصــف وزنه النهائي الناضج حين يكون عمر الطفل ستة أشهر, ويصل إلى 90 في المائة من وزنه النهائي عند سن الثامنة من العمر. أما الجسم بكامله فلا يصل إلا إلى نصف وزنه الناضج عند سن العاشرة من العمر. يستنتج من ذلك أن الدماغ يكون أشد عرضة في بعض الأوجه للضرر أثناء هذه الفترة من التعاظم المفاجئ في النمو وأن من المرجح أن تختلف آثار الضرر تبعا لتوقيت حدوثه. فعلى سبيل المثال, يبدو أن الضرر الذي يلحق بالدماغ قبل الولادة أو في الفترة الأولى من العمر قد لا يسفر عن ضعف محدد ولكن من المرجح أن يؤدي إلى انخفاض عام في القدرات الفكرية والدراسية لدى الطفل . كما أنه من الممكن ألا تظهر آثار الضـرر الدماغي في المرحلة الأولى من العمر حتى مرحلة لاحقة منها. إن الصعوبات الدراسية التي تشاهد لدى بعض الأطفال الذين أوزانهم قليلة جدا وحاصل ذكائهم عادي يمكن أن تكون مثالا على هذا النوع.

وقد بيّنت البحوث الطبية أن أسرع فترة نمو للدماغ هي في السنوات القليلة الأولى من الحياة, وأن لما يمر به الطفل في المرحلة الأولى من طفولته أثر دائم على قدرة ذلك الطفل على التعلم في المستقبل.

للنمو الدماغي السليم أثر مباشر على القدرات الإدراكية; فعدم كفاية التغذية قبل الولادة وفي السنوات القليلة الأولى من الحياة يمكن أن يؤثر كثيرا على نمو الدماغ, وأن يؤدي إلى اضطرابات عصبية وسلوكية مثل عدم القدرة على التعلم .إلا أن البحوث الجديدة التي أجراها الأخصائيون في بيولوجيا الجهاز العصبي والباحثون الآخرون أظهرت أيضا أهمية التحفيز الملائم في السنوات الأولى من العمر.

يتألف دماغ الطفل الوليد من ملايين ملايين الخلايا العصبية التي تنتظر جميعا أن تنتظم لتكوين النسيج المعقد الذي يسمى العقل. وبعض هذه الخلايا موصول فعلا ولا ينتظر التوصيل...ولكن ملايين الملايين من هذه الخلايا غير موصولة...ونقية ولها إمكانات لا محدودة تقريبا. إن ما يمر به الطفل في طفولته يحدد الخلايا العصبية التي ينبغي استخدامها, والتي تربط دوائر الدماغ. أما الخلايا العصبية التي لا تستخدم فقد تضمر. ولذا, فإن ما يمر به الطفل في طفولته يحدد ما إذا كان ذلك الطفل سيصبح ذكيا أم غبيا, خائفا أم واثقا بنفسه, فصيحا أم معقود اللسان.
يوحي هذا النموذج الناشئ أن هناك "فترات حرجة" في النمو يمكن للبيئة فيها أن تؤثر في طريقة "توصيل" خلايا دماغ الإنسان بما يناسب وظائف معينة مثل الرياضيات, واللغة,والموسيقى,والأنشطة البدنية.فإذا لم تجر الاستفادة من هذه الفرص في حينها ـ أي إذا لم يتلق الدماغ الحافز الملائم في هذه "الفترة الحرجة" ـ يكون من الصعب جدا, إن لم يكن من المستحيل في الغالب, قيام الدماغ بإعادة توصيل خلاياه ذاتيا في مرحلة لاحقة. ولذا فان الحَوَل في العين الذي لا يصحح في الطفولة يؤدي إلى الفقدان الدائم للقدرة على الرؤية بعينين اثنتين (Binocular vision) والخلل الجزئي في النمو اللغوي والذي يعزى أحيانا إلى فقدان مؤقت للسمع نتيجة التهاب ما في الأذن في الطفولة يعتبران من بين الأمثلة الساطعة على ضرورة تعريض الأطفال للحوافز والمؤثرات اللازمة في الفترات الحرجة . 

وهذه هي الفترات الحرجة في السنوات الأولى من العمر:

  1.     التحكم في الانفعالات>>>>>>>>> العمر صفر ـ سنتين.
  2.     الرؤية>>>>>>>>>>>>>>>>  العمر: صفر  ـ سنتين.
  3.     الارتباط الاجتماعي>>>>>>>>> العمر: صفر ـ سنتين.
  4.     المــفردات>>>>>>>>>>>>>> العمر: صفر ـ 3 سنوات.
  5.     اللغـة الثانية>>>>>>>>>>>>> العمر: صفر ـ سنة واحدة.
  6.     الريـاضيات/ المنطق>>>>>>>> العمر: سنة واحدة ـ 4 سنوات.
  7.     الموسيقى>>>>>>>>>>>>>> العمر: 3-1 سنوات.